الميثاق العائلي: سر استدامة الشركات العائلية

تُعد الشركات العائلية جزءًا أساسيًا من النسيج الاقتصادي في المملكة وفي العالم، حيث ساهمت في تحقيق النمو الاقتصادي وخلق الفرص الوظيفية. ومع ذلك، فإنها تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على نجاحها عبر الأجيال. 
وهنا يأتي دور الميثاق العائلي، الذي يمثل أداة استراتيجية تعزز الاستدامة والنمو، من خلال تنظيم العلاقة بين مصالح الشركة ومصالح الشركاء (من أفراد العائلة) وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات والقيم والتوجهات الاستراتيجية للشركة.

فما هو الميثاق العائلي؟

الميثاق العائلي هو وثيقة مكتوبة تُحدد القواعد التي تنظم إدارة الشركة، مثل: توزيع الملكية ونقلها، وآليات اتخاذ القرارات، وحل النزاعات. فهو يُمثل خارطة طريق تحمي الشركات العائلية من الانزلاق في دوامة الخلافات، وتُعزز استمراريتها وتحقيق أهدافها.

أهميته في ظل نظام الشركات الجديد:

  • أصبح الميثاق العائلي وثيقة ملزمة لجميع الشركاء ما لم يخالف نظام الشركات أو عقد تأسيس الشركة.
  • يمكن تعديله بموافقة الشركاء بما يتناسب مع تطورات العمل ومصلحة الشركة.

لماذا تحتاج الشركات إلى ميثاق عائلي؟

الميثاق العائلي يُعد أداة أساسية لأي شركة تسعى للحفاظ على نجاحها وتحقيق الاستدامة. فمن أبرز فوائده:

  1. تقليل النزاعات:
    • يضع قواعد واضحة تقلل احتمالات الخلاف بين الشركاء.
  2. تعزيز الكفاءة الإدارية:
    • ينظم الأدوار والمسؤوليات بين الشركاء والمدراء التنفيذيين.
  3. دعم القرارات الاستثمارية:
    • يوفر رؤية واضحة لإعادة استثمار الأرباح وتوسيع نطاق الأعمال.
  4. الحفاظ على النجاح:
    • يُساعد على استمرار الشركة في تحقيق أرباح مستدامة وتنفيذ خطط النمو.

نماذج لشركات عائلية سعودية

تحضى السعودية بمجموعة من الشركات العائلية التي حافظت على نجاحها بفضل الله ثم بفضل التخطيط الاستراتيجي والتنويع في الأعمال والاستثمارات. ومن أبرز هذه الشركات:

مجموعة العليان، ومجموعة الزامل، ومجموعة عبد اللطيف جميل، ومجموعة السبيعي القابضة، ومجموعة العقيل، ومجموعة الحكير وعدد من الشركات العائلية لأسر الراجحي والسعيدان والماجد وغيرهم. 

ممارسة مبتكرة لاستدامة الشركات العائلية

من أجمل الممارسات التي وقفت عليها في إحدى الشركات العائلية، أن المؤسس جعل الوقف شريكًا في الشركة، بحيث يكون له الأولوية في شراء حصة أي شريك لا يرغب في الاستمرار داخل الشركة. فإذا لم يرغب بقية الشركاء في شراء الحصة فإن الوقف يقوم بشرائها، وإذا عجز الوقف عن الشراء فإن الفرصة تطرح للراغبين بالشراء من خارج العائلة.

هذه الفكرة تضمن استقرار الشركة واستدامتها، وتحافظ على رؤيتها وقيمها، كم تحد من الممارسات السلبية لبعض الشركاء من العائلة. 


رسالة للتجار وأصحاب الشركات العائلية

إذا كنت تمتلك شركة عائلية وترغب في الحفاظ على نجاحها وتعزيز مكانتها في السوق، فإن إعداد ميثاق عائلي ليس خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لضمان الاستدامة والنمو.

استلهم النجاح من شركات عائلية استطاعت بفضل الله، ثم بفضل التخطيط والتوثيق، أن تستمر عبر الأجيال وتُحافظ على ريادتها. 

وفي المقابل، تأمل في مصير شركات انتهى نجاحها بانتهاء الجيل الأول بسبب غياب النظام والتخطيط، رغم قوة نشاطها التجاري.

المحافظة على النجاح يتطلب رؤية واضحة واستعدادًا دائمًا للتحديات المستقبلية. 

ابدأ اليوم بخطوة بسيطة لكنها جوهرية: وضع ميثاق عائلي يُحدد أولويات شركتك، ويُعزز استقرارها، ويضمن استدامة نجاحها.


د. عبدالله بن علي العجلان

  • محامٍ ومحكم ومدرب معتمد
  • مستشار التطوير والتمكين الإداري للإدارات القانونية والشركات
  • الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة 3A للمحاماة والاستشارات القانونية

للتواصل: